شجرة عريقة عراقة نهر الفرات العظيم انتفع منها الإنسان منذ أن أقام حضاراته على ضفاف الفرات منذ آلاف السنين كما استفاد منها الحيوان والطير .. انها شجرة الحور الفراتي دلت عليها النصوص المسمارية في مملكتي ماري وترقا وهي من أهم الأشجار التي تتميز بها ديرالزور ومن هنا جاءت تسميتها بالحور الفراتي.
لها تسميات محلية أخرى مثل شجرة الغرب أو الشجر العتيق ..
وهي شجرة معطاءة تجود بخشبها وورقها وظلالها وتجذب إليها السياح وعلماء النبات على حد سواء كما تجذب طيور الورور والسنونو والعصافير الدورية وهي ملاذ للطيور المهاجرة مثل طيور البلشون والدرغل والحمام البري وغراب الماء حيث تبني أعشاشها في موسم التكاثر.
يبلغ طول شجرة الحور الفراتي نحو خمسة عشر متراً وساقها غالباً متعرجة وبراعمها حمراء ذات أوبار طولها حوالي سبعة ميليمترات وهي من لون البراعم وأوراقها كثيفة يغلب عليها اللون الأخضر المائل للرمادي وهي قاسية مغطاة بطبقة شمعية للتقليل من عملية النتح ولها أشكال متعددة فهي إما مثلثية الشكل أو شبه دائرية أو رمحية أو مفصصة وأزهارها بسيطة لا تثمر وبالتالي فإن شجرة الحور الفراتي عديمة الثمر.
شجرة الحور الفراتي تتطلب حرارة عالية وضوءاً شديداً وتتحمل الطقس القاسي الجاف شريطة أن تعيش في تربة غنية بالمياه ويشكل هذا النوع من الأشجار حوالي ستين بالمئة من الغطاء النباتي الممتد على طول منطقة حوض الفرات الأوسط والأدنى حيث تغطي مساحة تقدر بخمسة آلاف هكتار من الأراضي.
و يمكن زراعة الحور الفراتي أو الغرب لإنتاج الأخشاب في البلدان ذات الطقس الجاف والتربة المالحة حيث تصعب زراعة أنواع أخرى من الأشجار الحراجية ذلك أن الشجرة تحتمل المياه المالحة.
الشجرة تتكاثر طبيعياً وهي شجرة دائمة الإنبات أي أنه إذا قص ساق الشجرة فانه تنبت تحت مكان القص أغصان ينمو واحد منها لتستمر دورة حياة الشجرة بعد قطعها وهي شجرة سريعة التكاثر حيث تتكاثر بطريقة السرطانات الجذرية بمعنى أن جذور الحور الفراتي تمتد إلى مسافات طويلة تحت الأرض ويخرج منها نبات جديد من الحور الفراتي ينمو من البراعم الجذرية وينتشر بسرعة في المنطقة فاذا زرعت عدة اشجار من الحور الفراتي في وحدة المساحة كالهكتار مثلاً فإنها قادرة على احتلال الموقع بسرعة كبيرة وتعمر شجرة الحور الفراتي لأكثر من خمس وعشرين سنة.
و الحور الفراتي يستعمل في ميادين عديدة فيستخدم في صنع عجينة الورق وفي إنشاء مصدات للرياح وفي التشجير الإنتاجي والزراعات الوقائية لضفاف الأنهار والمجاري المائية إضافة إلى صناعة الأخشاب وأسقف البيوت ويمكن استخدام أوراقه كعلف للأغنام والماعز والجمال وفروعه لتنظيف الأسنان على غرار نبات السواك.
ونبات الحور الفراتي كان من أحد النباتات التي ذكرت في النصوص المسمارية في الحضارات القديمة التي نشأت على ضفاف نهر الفرات مثل حضارتي ماري وترقا وكانت أغصان الحور الفراتي تستخدم كوقود في تلك الحضارات حيث أنها قابلة للاشتعال حتى لو كانت رطبة إضافة إلى استخدامها كأدوات زراعية وحربية وهذا طبيعي حيث أن أحراج الحور الفراتي كانت محيطة بتلك المدن القديمة.
أشجار الحور الفراتي كانت تستخدم في بناء أسقف البيوت القديمة حيث كانت تشكل طبقة عازلة للحرارة المرتفعة صيفا والمنخفضة شتاء كما تستخدم أغصانها في صناعة المعاول والرفوش والفؤوس ويدخل خشب الحور الفراتي كذلك في صناعة الاثاث المنزلي البسيط كالخزانات الصغيرة والكراسي.
وتجدر الاشارة لضرورة إنشاء صناعة متكاملة للأخشاب في دير الزور تعتمد على التقنية الحديثة حيث أن أشجار الحور الفراتي توفر المورد الطبيعي الخام والدائم لمادة الخشب اللازمة لهذه الصناعة وهي ذات قيمة اقتصادية عالية غير مكلفة نوعاً ما وتؤمن حاجة محافظة دير الزور من الأخشاب.
