وَلَمَّا وَقَفْنَا والقُلُوبُ على الغَضَا
وللدَّمع سحٌّ والفرائصُ تُرعدُ
وَبَيْنَ التَّراقي واللَّهَاة ِ حَرَارَة ٌ
مكان الشَّجا ما إنْ تبوحُ فتبرُدُ
أَقُولُ لِمَاءِ العَيْنِ أَمْعِنْ، لَعَلَّهُ
بما لا يُرَى مِنْ غَائِبِ الوَجْدِ يَشْهدُ
فَلَمْ أَدْرِ أَنَّ العَيْنَ قَبْلَ فِرَاقِها
غَدَاة َ الشَّبَا مِنْ لاَعِجِ الوَجْدِ تجْمدُ
ولم أرَ مثلَ العينِ ضنَّتْ بمائها
عَلَيَّ ولا مِثْلِي على الدَّمْعِ يَحسُدُ
وَسَاوَى عَليَّ البينَ أنْ لم يَرَيْنَني
بَكَيْتُ، ولم يُترَكْ لِذِي الشَّجْوِ مَقْعَدُ
وَلَمَّا تَدَانَى الصُّبْحُ نَادُوا بِرِحْلَة ٍ
فقمنَ كسالى مشيُهنَّ تأوُّدُ
إلى جِلّة ٍ كالهُضْبِ لمِ تَعْدُ أنّها
بوازلُ عامٍ والسَّديسُ المُعبَّدُ
إلى كُلِّ هَجْهَاجِ الرَّوَاحِ كأنَّهُ
شَجٍ بِلَهَاة ِ الحَلْقِ أوْ مُتَكَيِّدُ
تمجُّ ذفاريهنَّ ماءً كأنّهُ
عَصِيمٌ على جَارِ السَّوَالِفِ مُعْقَدُ
وهنَّ مناخاتٌ يُجلَّلنَ زينة ً
كما اقتانَ بالنَّبتِ العهادُ المُجوَّدُ
تأطّرْنَ حتَّى قُلْتُ لَسْنَ بَوارِحاً
وذبنَ كما ذابَ السَّديفُ المسرهدُ
عَبِيراً وَمِسْكاً مَانَهُ الرَّشْحُ رَادِعاً
بهِ محجرٌ أو عارضٌ يتفصَّدُ
وأجْمَعْنَ بَيْناً عَاجِلاً وَتَرَكْنَنِي
بفيفا خُريم قائماً أتلدَّدُ
كما هاجَ إلفاً ضابحاتٌ عشية ً
لَهُ وَهْوَ مَصْفُودُ اليَدَيْنِ مُقَيَّدُ
فَقَدْ فُتْنَنِي لمّا وَرَدْنَ خَفَيْنناً
وَهُنَّ عَلَى مَاءِ الحَرَاضَة ِ أبْعَدُ
فوالله ما أدري أطيخاً تواعدوا
لتمِّ ظمٍ أم ماءَ حيدة َ أوردوا؟
وبالأمسِ مَا رَدُّوا لبينٍ جِمَالَهُمْ
لعمري، فعيلَ الصَّبرَ من يتجلَّدُ
وقد علمتْ تلك المطيَّة ُ أنَّكمْ
مَتَى تَسْلُكُوا فَيْفَا رَشادٍ تَخوَّدوا