بعد ربع قرن من الهجرة والاغتراب جاءه صديقه ينصحه لزيارة الوطن الأم حيث بقايا ألعابه ومدافن آبائه وأجداده، ولا يزال هناك من إخوانه وأقاربه من ينتظره بأحر من الجمر فلم يعبأ المغترب بنصيحة الصديق ولم يلتفت إليه غير أن صديقه ألح عليه مرارا وتكرارا وتبرع له بتذاكر السفر واستعد لمصاحبته في رحلته والمغترب يرفض كل العروض لكن الصديق أصر عليه كل الإصرار ولم يدعه يذوق طعم الراحة.
تدرون لماذا هذا الصديق يلح على هذا المغترب ويطلب منه بإصرار زيارة الوطن؟ لأن والدة ذلك المغترب وأخته من أبيه قد يبست الدموع في مئاقيهما من البكاء أم لم تشاهد فلذة كبدها 25 عاما وهو حي يرزق وأخت رأته صغيرا ثم فقدت أباها وأمها ولم يعد لها أمل في الحياة غير أخيها وكان ذلك الصديق قد زار الوطن والتقى بالأم الثكلا والأخت اليتيمة فتوسلتا إليه ليبذل ما بوسعه حتى يريا قريبهما لهذا ألح عليه بإصرار أن يزور الوطن وبعد محاولات متكررة من هذا الصديق لم جد المغترب بدا من تلبية طلب صديقه مع أن نفسه لم تكن تواقة لزيارة الوطن.
وبعد أن قرر المغترب السفر نزولا على رغبة صديقه وليس قناعة منه فأخذ ما لديه من الأغراض وسافر الصديقان بحفظ الله ورعايته وانتهت الرحلة في المكلة (مطار الريان) وأخذا يستعدان لرحلة ثانية إلى جزيرة سقطرى يقول المغترب: إلى هنا وأنا لم أغير رأيي في عدم رغبتي في السفر ولكنني جاملت زميلي ونزلت على رغبته.
يقول: وطارت الطائرة من مطار ؟؟؟؟؟ متجهة إلى ؟؟؟؟ ؟؟؟؟ وأثناء الرحلة استسلمت للنوم وما أيقظني إلا صوت المسافرين وهم يقولون: هذه هي ؟؟؟؟؟ ؟ هذه وكل يمد عنقه ليشاهدها من النافذة فشدني ما سمعت فأطللت على النافذة القريبة مني فإذا بصري يقع على جبال شامخة وسهول خضراء وسواحل بيضاء تضاحكها أمواج تنتهي إليها من أعماق بحر ؟؟؟؟؟ وأردف قائلا: وفي هذه اللحظة انقلبت الآية وإذا بإكترونات الدماغ يطوي مسافات الزمان والمكان ويضعني في الأمر الواقع إنني فيبلدي فعلا ودارت اكترونات الأفكار نعم هنا مسقط راسي هنا أمي التي ... هنا بقايا ألعابي هنا أبناء حارتي هنا هنا ...الخ. وإذا بالدموع تنهال على خدودي وأحسست بحالة نفسية تنتابني شوقا وحنانا ممزوجان بالفرحة والسرور وما أن حطت الطائرة في مطار؟؟؟؟ الدولي وإذا بأقراني وأتراب لعبتي بالأمس يستقبلونني في الأحضان وامتزجت الدموع واختلطت الأشواق وصرخت الأخت وأغمي على الوالدة لما رأتني وبقيت 40 يوما في سعادة لم أكن أعرفها من قبل ولما غادرت مدينتي كأنني كنت في حلم ثم قررت أن أزور الوطن كلما سنحت لي الفرصة فلم أزل مرتبط بها حتى أدمت زيارتها.
أتمنى أخوتي أن تكون هذه القصة مفيدة لكم ولنا [/size]